الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

"البارزاني ضامن حقوق الاقليات في كوردستان"


يعتبر المكون الأيزيدي من الشرائح المسالمة بين اطياف المجتمع الكوردستاني الجميل، ويمر اليوم في ظروف قاسية جراء شراسة وعنفوان الأحداث الدامية التي تجري في المنطقة، ولكي يتمكن الحفاظ على استقراره عليه الاعتماد على قدرات وإمكانيات قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي يدير الشؤون الإدارية في مناطقهم والمسؤول عن حماية مستقبلهم، كما على سياسة الرئيس مسعود البارزاني الذي يؤكد دوما حرصه على أصالة قوميتهم وعراقة تاريخهم، وذلك لضمان حقوقهم الشخصية والحفاظ على معتقداتهم الدينية خشية عليها من محاولات التنظيمات العنصرية المتطرفة، التي انتشرت بشكل كبير في المنطقة بأكملها في الوقت الراهن...
كما لكونهم ينتمون الى القومية الكوردية، وقد يكون هذا سببا لتعرضهم الى المشاكل مع المجاميع لمتطرفة المنضوية لبقية القوميات التي تجاورهم في المناطق الحدودية المحاذية لهم، بالإضافة الى أن غالبية المناطق التي تسكنها ابناء هذه الشريحة تقع ضمن الحدود الإدارية لحكومة إقليم كوردستان، ولاسيما تشهد المنطقة حاليا بروز صراعات طائفية، ومعها ظهرت المجاميع المسلحة التي تقتل الابرياء على الهوية الدينية والانتماءات العرقية، ولتتصاعد معها موجة التهديدات الإرهابية على الاقليات وتزايد المخاوف من الكوارث الكبيرة من قبل تلك الحركات الاصولية السياسية التي تفرض هيمنتها علي الواقع والحياة الأمنة وتهدد وجود الأقليات التي تطالب العيش بحرية وكرامة في المنطقة...
إن المجتمع الأيزيدي هو احد أهم المكونات الرئيسية الموجودة على أرض كوردستان، ويعتبر الديانة الأيزيدية من أقدم الديانات الأزلية الموجودة في المنطقة، وتؤمن معتنقيه بتناسخ الارواح ووحدانية الرب، لغتهم الرسمية هي اللغة الكوردية باعتبارهم منبع وأصالة القومية الكوردية وتظهر ذلك من خلال صلواتهم وأدعيتهم الدينية وممارسة طقوسها بهذه اللغة العريقة، وكما يتمتع أبناء هذه الشريحة بالعادات والتقاليد الاجتماعية الراسخة والمتوارثة عن آبائهم واجدادهم...
يتمركز أغلب الأيزيدييون ومنذ نشأتهم في جنوب كوردستان الذي يعتبر موطنهم الاصلي، ويؤمنون بالعيش المشترك مع بقية الطوائف والمكونات الاجتماعية بسلام ووئام، كما يتقاسمون أبنائهم الحياة مع الاخرين بكل حرية في كافة المجالات وبشكل طبيعي مع الحرص على مراعاة خصوصيتهم الدينية والعقائدية. كانت هذه نبذة مختصرة عن المجتمع الأيزيدي الغني بتراثه العريق وتاريخه القديم...
وباعتبار أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني حركة قومية علمانية فعالة ويمتلك نفوذ واسع في عموم كوردستان، وله حجم سياسي كبير وتأثير فعال ولديه برنامج واضح لا يستطيع احد أن يستهين بقدراته السياسة في العراق والمنطقة، كما لكونه صاحب الباع الطويل من الكفاح الثوري المسلح ولعقود متواصلة من النضال مع الحركة التحررية الكوردستانية وقائد أكبر واعظم ثورتين مسلحة في كوردستان ألا وهما "ثورة أيلول" الوطنية بقيادة الأب الروحي للشعب الكوردي الخالد مصطفى البارزاني و"ثورة كولان" التقدمية اللتان جعلتا من أرض كوردستان وجبالها واحة آمنة لكافة الأحزاب العراقية المعارضة مع الحكومة في جميع الاوقات، بغض النظر عن أن هذه الأحزاب دينية متحفظة أو علمانية يسارية أو تلك التي تناضل من أجل المفاهيم القومية...
لكن هدفه الاسمى كان دوما الدفاع عن حقوق جميع الأقليات الموجودة في الإقليم كالأيزيديين والمسيحيين والتركمان والاقليات الاخرى بالصدق والأمان، لكونه يعتبر خيمة محمية لكافة الاقليات الدينية الموجودة في المنطقة، وكان يتعامل مع كافة المكونات بنفس المقاييس الوطنية دون تمييز، ويقف بنفس المسافة من الجميع ولايزال يتحمل مسؤولية حماية كافة مكونات المجتمع...
إن أغلب الحركات القومية الكوردية العاملة في الساحة السياسية، قد تخلت مؤخرا عن افكارها العلمانية، وعن أجنداتها السياسية التي كانت تهدف الى المساواة بين كافة الطبقات الاجتماعية وتوفير الامن والحماية لمختلف المكونات المتواجدة في كوردستان، كما كانت تؤكد على حرصها الكامل لمواصلة الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية في ممارسة معتقداتهم بحرية وحسب الأصول، بعكس ما كانت مثبتة في برامجها السياسية إبان الكفاح المسلح مع الحركة التحررية الكوردية، تلك النهج العلماني الناتج عن ثقافة كافة التنظيمات الكوردية والتي كان تعتبر من الصفات الإيجابية التي اعتزت بها تلك القوى السياسية في كوردستان، بخلاف الجماعات الإسلامية الأصولية الحديثة العهد والتي بدأت تؤثر على مستقبل الإقليم شيئا فشيئا، بسبب وقعها تحت تأثير سياسات الدول الإسلامية الكبرى في المنطقة، لتخرج معظمهم عن الطور القومي المتبع سالكة النهج العنصري والمبدأ الشمولي الذي يهدد النظام الديمقراطي في الإقليم والعراق...
ولكن عندما يتعرض مصير تلك المكونات الى الخطورة والتهديد في الإقليم ويشعروا ابناءهم الإقصاء أو التهميش لسبب أو لآخر، يقع حينها مسؤولية حمايتهم على عاتق القيادة السياسية الكوردستانية بالدرجة الاولى، لكونها احدى المصادر الأساسية التي تعتمد عليه جميع أفراد المجتمع وفي كل الاحوال، ولكن تختلف الأمر هنا بالنسبة للمجتمع الأيزيدي مقارنة مع غيره من المكونات، لكونهم أقلية دينية صغيرة والمخاوف عليه مضاعفة من هذه الناحية بغض النظر عن انتماءهم القومي وعراقة ديانتهم في المنطقة...
هنا تكمن خطورة الموقف على الأقليات وتزداد عليهم المخاوف ويواجهون الصعوبات جراء سياسات تلك التنظيمات الاصولية في كوردستان، بالرغم من تشريع القوانين الدستورية التي يتضمن حقوق الاقليات الدينية والعرقية في الإقليم من خلال المؤسسة الرسمية "البرلمان" والذي أجاز لكافة مكونات المجتمع ممارسة حرياتهم الاجتماعية تحت خيمتها وحسب الآليات المنصوصة في طياتها...
لكن مع هذه المخاوف الذي لاقاه أبناء المجتمع الأيزيدي في الماضي حاول الاستناد على وفاء العائلة البارزانية ورمز الشعب الكوردي القائد الخالد مصطفى البارزاني وما يلاقيه اليوم وسيلاقيه في المستقبل سوف يحاول الاستناد على حكمة وسياسة الرئيس مسعود البارزاني باعتباره الضمان الآمن والحقيقي لحماية حقوقهم في العراق بشكل عام وإقليم كوردستان على وجه خاص، لكونهم يشعرون بالحرية في ظل سياسته الحكيمة في هذه المرحلة الصعبة والحرجة من التاريخ. 

إدريس زوزاني
ألمانيا 50/12/2014