الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الأحد، 22 ديسمبر 2013

"أعياد الأيزيدية وتسمياتها الحقيقية"

إذا ما أمعنا النظر في تاريخ المجتمع الأيزيدي نجد انه غني بفلسفته الفكرية وتراثه الاجتماعي وثقافته الدينية وله العديد من المناسبات والأعياد الدينية التي لها تأثيرها الايجابي على نفسية وسلوك غالبية أفراده، لكن رغم جميع المشاكل الاجتماعية الذي عانى منها الفرد الأيزيدي في الماضي وكذلك الأوضاع السياسية المريرة الذي واجهته على مر السنين لا يزال يمتلك إرادة قوية تصارع كافة الصعوبات ولم تؤثر تلك المشاكل على قيمه الاجتماعية وإيمانه المطلق بثوابته الدينية المقدسة بل يضاعف قوة إرادته أكثر كلما اشتدت عليه حدة الظلم والاستبداد ويزداد تمسكه بتأدية مراسيمه الاجتماعية وممارسة طقوسه الدينية...
يجب أن يذكر أثناء الحديث عن ثقافة الشعوب والأديان عراقة معتقداتها وأهمية تراثها من اجل القدرة عن التعبير بخصوصياتها وكيفية الاحتفاظ بمورثها الاجتماعي الذي يعتبر موضع فخر لأجيالها طوال تاريخيهم، كما هو الحال مع المجتمع الأيزيدي الذي استطاع الاحتفاظ بمورثه التاريخي قدر الإمكان وفي أصعب والظروف والأوقات، وهنا تقع مسؤولية الاحتفاظ به على عاتق الأجيال القادمة ومحاولة عدم المساس بقواعدها الثابتة من اجل بقاء أصالتها وتاريخ عراقتها...
الديانة الأيزيدية من الديانات القديمة الموجودة في المنطقة لها خصوصيتها من حيث العقيدة، كونها ديانة غير تبشيرية ومحافظة على جميع معتقداتها المتوارثة من الأجداد بشكل أو بأخر وبالرغم من عدم امتلاكها الوثائق الرسمية المدونة لعقيدتها في الوقت الحاضر أو بالأحرى قد تم إتلافها واختفائها في فترة ما من الزمن ولأسباب معروفة، إلا أن أبنائها استطاعوا الاحتفاظ بالكثير من المورث التاريخي المهم والذي يتعلق بعراقة ديانتهم وأصالة قوميتهم من خلال حفظ مضمونها في عمق صدورهم وإيصالها لأجيالهم...
إنما يسر خاطر المرء عندما يعلم بان هؤلاء الأناس البسطاء الذين تمكنوا في تلك الأيام العصيبة والظروف القاسية من مقاومة الظلم والاستبداد جراء الحملات الشرسة التي تعرضوا لها آنذاك من اجل الحفاظ على عقيدتهم، بالإضافة لإصرارهم المطلق بالتمسك بعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية وإيمانهم بمبادئهم المقدسة من اجل توصيل الأمانة التاريخية لمعتقدهم إلى الموقع المناسب حسب المقاييس الأخلاقية التي تلتزم بها بقية الشعوب...
هناك الكثير حول ما جرى من الظلم على هذه الشريحة من المجتمع عبر تاريخهم ولا يستطيع المرء ذكرها جميعا من خلال كتابة موضع أو مقال وحيد إلا انه على المرء الإشارة والتوقف على بعض نقاط الخلاف الذي يراها قابلة للنقاش خاصة حول ما يكتب عن هذا المعتقد ومحاولة تصحيح مسار بعض الأمور التي تفسر بشكل خاطئ من قبل بعض المهتمين بالشؤون الاجتماعية وإيجاد الطرق المناسبة لتوحيدها على اقل التقدير...
وبما أن موضوعنا هذا يدور حول تسمية الأعياد والمناسبات التي تخص المجتمع الأيزيدي هنا لابد من الوقوف على حقيقة مسمياتها والتحريف الذي يحصل من قبل بعض مثقفينا أثناء الكتابة حولها والخروج عن مضمونها الحقيقي الذي تعتبر إجحافا بحق مجتمعهم، لذا على كافة المثقفين والمهتمين بالشأن الأيزيدي والجهات المسؤولة والمعنية التركيز على هذه النقطة من اجل إيجاد حلول جذرية وملائمة لمثل هذه المواضيع كي تكون نموذجا لمواضيع أخرى بحاجة إلى الحلول والتباحث في شأنها...
فكثيرا ما نلاحظ أن بعضهم يكتب أسماء الأعياد بعناوين مخالفة وغير مطابقة مع ما يكتبه الآخرين حولها علما بان تسميتها الحقيقية معروفة لدى المجتمع الأيزيدي ومثبتة تاريخيا ولا ارغب بالإشارة إلى جميع ما كتب عنها بل اكتفي بالأسماء الحقيقية والمثبتة رسميا لبعض منها.
تسمية بعض الأعياد والمناسبات الرسمية للمجتمع الأيزيدي:
1.     عيد الصوم: يحيى المجتمع الأيزيدي هذه المناسبة في أواسط شهر كانون الأول من كل عام بعد أن يصوم ثلاثة أيام متتالية لله تعالى قبل العيد ثم يحتفل اليوم الرابع ويسمى هذا العيد بعيد صيام أيزيد ويعتبر أيزيد احد أسماء الله الحسنى لدى هذا المجتمع وتعني(الخالق) لهذا يسمون المناسبة المذكورة بهذه التسمية أما التسميات الأخرى لهذا العيد يعتبر أسماء غير رسمية وتدرج ضمن الاجتهادات الشخصية وباعتقادي يعد انحرافا عن الحقيقة التاريخية لهذا المجتمع.
2.     عيد رأس السنة: أحيى المجتمع الأيزيدي هذه المناسبة التاريخية التي تعتبر من أهم الأعياد التي تصادف يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي من كل عام ويعتبر المجتمع الأيزيدي هذا اليوم هو يوم الخليقة أي يوم تكوين الأرض حيث يبدأ فصل الربيع وتزداد الأرض جمالا بطبيعته الخلابة وتزهوا معه البشرية بالأعياد والمناسبات ومن ضمنها هذه المناسبة المباركة أيضا، غالبا ما يكون لهذا العيد مسميات أخرى كعيد الأربعاء الأحمر وغيرها من الأسماء إلا انه الاسم الحقيقي هو عيد رأس السنة.
3.     عيد الجماعية (الجما): يحتفل المجتمع الأيزيدي سبعة أيام متتالية بهذه المناسبة وعلى الأغلب يحيونها في معبد لالش وتعتبر من اكبر الأعياد لديهم يبدأ في بداية شهر تشرين الأول من كل عام حيث موسم الشتاء ويعتبرونها زيارة الحج ليتوافد الأيزيدييون من كافة أرجاء العالم إلى معبد لالش وتجري في هذه المناسبة الكثير من المراسيم الدينية الذي تتعلق بمعتقد هذه الديانة من قبل رجال الدين والمجلس الروحاني الأيزيدي ولهذا العيد مسميات أخرى أي (عيد صفر الألبان ـ عيد الحجاج ) وغيرها من التسميات إلا إنها لا تعتبر أسماء رسمية.
4.     عيد المربعانية: يحيى المجتمع الأيزيدي هذه المناسبة في مطلع شهر آب من كل عام وتقع هذه المناسبة في فصل الصيف ويتم إشعال الفتائل في المعبد من قبل رجال الدين وتجري مراسيم رقص (السما) في معبد لالش وهي رقصة دينية خاصة تقام من قبل رجال الدين عشية العيد وفيه ايضا يقوم رجال الدين الأيزيديين بالصيام أربعون يوما لوجه الله في هذه المناسبة ثم يجتمعون في معبد لالش للإفطار سوية وأحياء العيد مع بعضهم هناك أي أن هذه المناسبة تتعلق بالشؤون الدينية والمجلس الروحاني أكثر من ما هي اجتماعية تكون.
كما يمتلك المجتمع الأيزيدي العديد من الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية الأخرى يحتفل بها طوال أشهر السنة ولكل منها معانيها وخصوصيتها حسب ميثولوجيا هذه الديانة وهنا أود الإشارة إلى أسماء بعضها بشكل مختصر دون الدخول إلى تفاصيلها وهي كل من ( عيد مربعانية الشتاء ـ عيد خدر الياس ـ عيد الأضحى ـ عيد بيلندا) وغيرها من المناسبات والأعياد...
لهذا أرجو من كافة المهتمين والمثقفين الأيزيديين أن يتحدوا في كلمتهم أثناء الكتابة في مثل هذه المواضيع ولا أن يكتب كل كاتب حسب رويته الشخصية على المناسبات والأعياد أو يضع لها تسمية يختارها لنفسه بل الاستناد على قرارات المجلس الروحاني الأيزيدي وكما مثبت لدى الدوائر الرسمية في البلد.
إدريس زوزاني
دهوك/ 22/12/2013

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

"الكاتب واخلاقيات الكتابة"

 للكتابة دور مهم في حياة جميع شعوب العالم لأنها تعكس مستوى واقعهم الثقافي والحضاري بشكل عام، وقد كان لظهور الوسائل الالكترونية الحديثة تأثير ايجابي على أسلوب الكاتب ، وللكتابة جوانب عديدة وطرق كثيرة بإمكان الكاتب اختيار الأفضل منه لإيصال الفكرة السليمة من الموضوع الى القراء...
هذا ويجب أن يكون بين الكاتب والقراء مسافة واسعة من المصداقية من خلال طرحه الفكرة والمضمون بغض النظر عن مواجهة الصعوبات جراء قول الحقيقة، وتجنب الأخطاء المقصودة والاستسلام الى الآراء المفروضة عليه من قبل بعض الذين لا يريدون له النجاح في مجال عمله أو التفوق في أداء واجبه...
بكل تأكيد الكتاب أو الأشخاص الملزمين في شؤون الكتابة هم الأكثر اهتماما من غيرهم من المثقفين في الوسط الاجتماعي، ويرجع الفضل في ذلك الى مصداقية آراءهم ومدى معيار الأمانة في مواقفهم، كما يجب أن لا ننسى بأنه ليس باستطاعة كل المثقفين العمل في هذا المجال، كون الكاتب بإمكانه أن يطرح فكرته بالشكل الصحيح وإلمام كافي ليميل الى الجانب المذكور...
هنا يجب على الكاتب أن يكون متمرسا في مجال عمله قبل كل شيء، لكي يكون لكتاباته المصداقية لدى القراء، كما يجب عليه الابتعاد عن الأنانية الشخصية في اختيار المواضيع وان لا يميل الى جانب معين من خلال كتاباته من اجل إرضاء الآخرين، وأن لا يجعل أراء بعض الجهات تسيطر على أفكاره أو أن يكتب حسب مزاج وأهواء فئة معينة من الناس...
لاشك عندما يتدخل الآخرين في شؤون الكاتب ويشاركونه الأفكار، يؤثر ذلك على طريقة استخدامه حرية المهنة كما يؤدي الى نقص كبير في مصداقية الفكرة التي ينوي إيصالها الى الجماهير من خلال كتاباته، ويؤثر أيضا في مجال العمل الصحفي والإعلامي بشكل عام، لذا يجب على من لديه الرغبة في الكتابة أو العمل في هذا المجال أن يكون حذرا من تدخل الآخرين في شؤونه، وان يلتزم بالحيادية في مجال عمله...
على الكاتب أن يتجنب الأنانية أثناء الكتابة، كما يجب أن يمتلك إمكانيات فكرية منطقية وطاقات ذاتية كافية ليحقق النجاح والتفوق في عمله، وبإمكان من لديه الشعور بأخلاقيات الكتابة ويملك الأحاسيس الحقيقية بمبادئها التعامل معها بكفاءة وفاعلية وان يجعلها جسرا للمحبة يتواصل من خلالها جميع أفراد المجتمع...
يجعل قسم من الكتاب طاقاتهم تحت تصرف أجندات الغير ويقع في اسر أفكارهم ويحاول ممارسة سياسة الانتقام مع الآخرين من خلال كتاباته تلبية لرغبات بعض الأطراف أو الأشخاص أو يكون مندفعا من قبل جهات معينة للانتقاص من جهود جهات أخرى ويعتبر هذا النوع من الكتابة تملقا يؤثر على مستوى وأداء الكاتب بشكل سلبي، لذا يجب على الكاتب الحقيقي أن يبتعد عن الأجندات الخارجية والعمل بموجب أخلاقيات الكتابة وان يراعي شعور جميع المكونات والأطراف وعدم المساس بكرامتهم أو التدخل في شؤونهم استجابة لرغبات الآخرين...
احد ابرز واهم المواصفات التي يمتلكها الكاتب هو المصداقية في نشر الخبر ونقل الحدث بالشكل الدقيق، لذا يجب عليه أن يكون مستقرا ذهنيا وجسديا عند اختيار المواضيع تفاديا لحدوث الأخطاء أثناء الكتابة وان يكون بعيدا عن التشهير والتحريف من خلال التطرق الى المواضيع ونشر واقع الحال كما هو...
مع الأسف في اغلب بلدان الشرق الأوسط تكون حرية الكتابة مقيدة مسبقا، وهذا الشيء يعود الى عدم وجود سياسة محددة أو قانون خاص يلتزم به الكاتب في نشر مطبوعاته ومنشوراته، لهذا يعتمد الكاتب في الكثير من الأحيان الى أسلوب الإساءة أو يتجاوز حدود الكتابة وينتهك محرماتها ويحاول فرض سياسة عدم الاستقرار من خلالها...
أخيرا أتمنى أن ينصف الكاتب نفسه بقليل من الإنصاف أثناء ممارسته هذا العمل وان يبتعد عن سياسة التجريح والتشهير وان يلتزم بآداب الكتابة ونقل الفكرة بالشكل المطلوب والحفاظ على مستوى أدائه الطبيعي كي يستفاد القارئ من منشوراته.
إدريس زوزاني
ألمانيا/ 13/11/2013

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

"ضرورة المشاركة في انتخابات اقليم كوردستان"

غدا يوم مصيري له اهمية تاريخية للشعب الكوردي في اقليم كوردستان حيث يدلي في هذا اليوم قرابة ثلاثة ملاين مصوت لاختيار(111) مائة واحدى عشرة مقعد من اصل (1129) الف ومائة وتسعة وعشرون مرشحا ليكونوا ممثلي الشعب في البرلمان الجديد عليه ان يتوجه الجميع الى صناديق الاقتراع بكل حماس كي يدلوا بصوتهم لصالح القائمة الافضل، القائمة التي تراعي مصالح المجتمع، القائمة التي ناضلت سنوات طويلة من اجل ان يرى الشعب هذا اليوم التاريخي العظيم المليئ بالحرية والامان، وكما يختاروا المرشح الذي يرونه يمثلهم ويراعي مصالحهم في مجلس النواب .
يوم غد يقرر الشعب الكوردي مصيره من خلال صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة لذا على الجميع ان يكونوا حذرين وواعين اثناء الادلاء باصواتهم ويختاروا من هو الافضل من بين المرشحين ليراعي مصالحهم وان يكون صوتهم الحقيقي في البرلمان .
غدا اليوم الذي ينتظره المجتمع الكوردي بفارغ الصبر طوال سنوات نضاله وتضحياته لهذا يجب ان يتوجه الجميع الى صناديق الاقتراع والادلاء باصواتهم بكل نزاهة وشفافية دون ان يجبرهم احد على التصويت لصالح جهة معينة او مرشح معين ويكون الجميع احرار في اختيار من هو الافضل دون رقيب .
يوم غد هو اليوم الذي ضحى من اجله الشعب الكوردي بالغالي والنفيس طوال سنوات حياته من اجل ان يعيش حرا في اتخاذ قراره كباقي شعوب العالم لذا على الجميع ان لاتفوتهم هذه الفرصة التاريخية الثمينة وان يتوجه الجميع الى مراكز التصويت لاختيار القائمة التي تراعي مصالح المجتمع وتوفر له الخدمات الاجتماعية والمتطلبات والمستلزمات الضرورية في الحياة .
غدا هو يوم حضاري مميز للشعب الكوردي عليه ان يكون الجميع مسؤولا عن اتخاذ قراره المصيري في هذا الامر وان يثبت الجميع  للعالم مدى اهمية صوتهم الحقيقي في صنع هذا القرار لوضع افضل برنامج مستقبلي في الفترة القادمة من حياتهم السياسية .
ان مشاركة جميع الشرائح في التصويت للقائمة الافضل في يوم غد هو واجب وطني كبير يخدم من خلاله مواطني الاقليم مجتمعهم كما سيغيير يوم غد الموازين السياسية من خلال التصويت نحو الافضل عند اختيار القائمة الاكثر اهتماما لمراعاة مصالح المجتمع .
يوم غد يبين المواطن في الاقليم مدى التزامه لخدمة المجتمع من خلال المشاركة الفعالة في التصويت لاختيار القائمة التي تحفاظ على النضال المرير لهذا الشعب والحفاظ على المكتسبات  الكبيرة التي نالها من خلال الكفاح والنضال المشرف .
يوم غد هو اليوم الذي يجب على جميع ابناء المجتمع الايزيدي التوجه الى صناديق الاقتراع والادلاء باصواتهم لصالح قائمة (110) للحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي كان ولا يزال في طليعة القوى والاحزاب الكوردستانية ومرشحهم الوحيد شيخ شامو (17) الذي يمثلهم في البرلمان الجديد .

تصويتكم يوم غد هو تمجيد الماضي .
تصويتكم يوم غد هو استقرار الحاضر .
تصويتكم يوم غد هو ضمان المستقبل .

إدريس زوزاني
المانيا 20.09.2013

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

"الإسلام السياسي وتأثيرها على مستقبل كوردستان"

المقدمة:
بداية أكن لكافة الأحزاب والتنظيمات السياسية في الإقليم كل الاحترام والتقدير وأتمنى أن يكون الجميع على قدر المسؤولية الوطنية تجاه هذا الشعب المناضل الذي قاوم أشرس الأنظمة الدكتاتورية في العالم وكافح من خلاله سنوات طويلة.
من اجل أن يعيش حرا كريما أسوة بباقي شعوب العالم، كما أتمنى أن لا يفسر هذا الموضوع بطريقة خاطئة أو يتخذ منه مواقف شخصية يعتبرها البعض بأنه تجاوز أو انحياز لطرف سياسي على حساب أطراف أخرى، لكونه ناتج عن واقع حال مجتمعنا الكوردي في هذه الفترة من الزمن وعليه التعامل معه بكل شفافية ووضوح وان يفسر محتواه بطريقة حضارية سليمة ناتج من منظور فكري هادف ومعبر عن موقف قومي صادق تجاه ما يمر به أبناء مجتمعنا الكوردستاني في القسم الغربي جراء الأحداث الأخيرة في المنطقة دون الحكم عليه على أساس التطرف  الديني أو المذهبي الضيق.
* التوضيح.
لا يخفي على احد ما يجري في الوقت الراهن على الساحة السياسية  في غربي كوردستان وما يحدث من الأعمال الإجرامية التي تستهدف المواطنين الكورد بجميع أطيافه من قبل جبهة النصرة الإسلامي المتطرف الذي يمارس الإرهاب بجميع أنواعه من سلب الأموال ونهب الممتلكات وحرق البيوت وقطع جميع مستلزمات الحياة ضد هؤلاء الأبرياء لمجرد انتمائهم إلى القومية الكوردية ليس أكثر...
إن هذه الأعمال التخريبية والجرائم البشعة ضد الإنسانية الذي يرتكب من قبل هذه التنظيمات الإرهابية يؤدي إلى إجبار غالبية سكان المناطق الكوردية إلى ترك ديارهم والتوجه إلى الدول المجاورة بحثا عن الأمان تجنبا الدمار الذي يلاحقهم والحروب المفروضة عليهم، هذا وكان لإقليم كوردستان حصة الأسد من استقبال هؤلاء النازحين ولاعتبارات عديدة منها الانتماء القومي والتعامل معهم على أساس اللغة والقومية إضافة إلى الجانب الاجتماعي حيث مسائل الانتماء العشائري والمصاهرة المتبادلة كذلك الجانب ألمعاشي حيث سهولة توفير مستلزمات الحياة اليومية أسوة بباقي أفراد المجتمع في الإقليم كذلك عدم مواجهة الصعوبات والمشاكل كما في بقية المناطق...
هنا لابد أن لا ننسى دور حكومة وشعب إقليم كوردستان بما قاموا به من تقديم المساعدة ومد يد العون لإخوانهم قدر الإمكان بالرغم من الظروف السياسية الذي يمر بها الإقليم إلا أن جميع الأبواب كانت مفتوحة أمام الحشود الكبيرة من النازحين من اجل تحسين أوضاعهم المعيشية في مختلف الجوانب الاجتماعية والصحية والخدمية وإيجاد السبل الملائمة لاستمرار المساعدات لهم وتكاثف الجهود من اجل إنهاء معاناتهم وهذا ما ركزت عليه الحكومة واعتبرته واجب إنساني وقومي مشرف.
* الموضوع.
هنا يجب أن أشير إلى نقطة مهمة يستحق الوقوف عليه وهو موقف الأحزاب الإسلامية في كوردستان ومؤيديها من هذه الأحداث وكيفية تعاملهم مع ألازمة بالشكل الذي لا يليق العادات والتقاليد الكوردية الأصيلة خاصة عندما حاول بعضها العزف على الوتر الديني وتجاهل الجانب القومي والوطني في الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع الكوردي إلى إثبات وجوده قوميا أكثر من أي وقت أخر، لكن تبين من خلال الأحداث أن قسما من هذه الأحزاب قد حثت تنظيماته للتطوع والانضمام إلى جماعة جبهة النصرة الإرهابي للمشاركة في قتل المواطنين الكورد في غرب كوردستان...
هذا في الوقت الذي استقبلت فيه حكومة الإقليم الحشود الكبيرة من النازحين الكورد كان بعضا من الأحزاب الإسلامية الكوردية قد توجه تنظيماته للتظاهر لمناصرة للرئيس المصري المخلوع محمد المرسي المعزول عن الحكم من قبل شعبه وعودة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في جمهورية مصر العربية، يا لها من مفارقة غريبة! فمن جهة يقتل الكوردي بيد الإرهابيين من جبهة النصرة الإسلامي المتطرف في غربي كوردستان على خلفية الانتماء القومي  ومن جهة أخرى تساند القوى والأحزاب الإسلامية الكوردية في إقليمهم المستقل الأخوان المسلمين في دولة مصر...
* السؤال الذي يطرح نفسه.
ما هو إيديولوجية هذه التنظيمات الإسلامية في كوردستان أو بالأحر ماذا يريدون ؟؟؟ ما هو هدفهم السياسي الفعلي هل هو حق تقرير المصير للشعب الكوردي أم  السير وراء أفكارهم المتشددة أم ماذا يريدون؟؟؟ يا ترى ماذا لو أصبح حكم الإقليم بيد هؤلاء الناس يوما ؟؟؟وما الذي سوف يفعلون ببقية المكونات من الشعب الكوردي اقصد هنا بغير المسلمة...
بكل تأكيد إنشاء وتكوين هذه التنظيمات لم تأتي من فراغ عابر بل ورائها جهات سياسة كبيرة بل دول ذات نفوذ سياسي إسلامي كبير لها أجندات خاصة في الإقليم والأيام كفيلة بذلك.
لكن الشعب الكوردي الذي عانة الكثير من الويلات وواجهة الكثير من الصعوبات لا يمكن أن يضحي بالمكتسبات الوطنية الكبيرة الذي حصل عليها بدماء الشهداء وسواعد الأبطال من اجل إرضاء جهات سياسية تابعة لأفكار الآخرين.
أخيرا يجب أن يعلم الجميع بان الإسلام السياسي في الإقليم تشكل تأثيرا سلبيا على مستقبل شعب كوردستان وعلى القيادة الكوردستانية أن تكون حذرة من هذه النقطة المهمة، كما على الأحزاب والتنظيمات العلمانية والقوى السياسية الليبرالية أن تحسب لخطورة سياسة تلك الأفكار حساب فعلي لأنها تشكل تأثيرا سلبيا على مستقبل شعب كوردستان.
إدريس زوزاني
ألمانيا 06.09.2013

الجمعة، 19 يوليو 2013

"التغيير والتغيير إلى أين "

التغيير هو مصطلح يستخدم من قبل المجتمعات عند تحول حالة محددة إلى أخرى أكثر اعتدالا وفي جوانب عديدة من حياة الشعوب سواء كانت الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية بل حتى السياسية والعسكري أثناء الضرورات، كما يستخدمه عندما يحتاج الوضع إلى التغيير في الاتجاه الصحيح وحسب الرؤية السليمة شريطة أن تكون الوضعية مدروسة بالشكل السليم والأرضية ملائمة كي تسير الأمور تتجه نحو الأفضل بين الأطراف المعنية بالتغيير...
لاشك أن جميع حالات التغيير ناتج عن أوضاع غير طبيعية وظروف غير مستقرة لذا يحتاج الأمر إلى الطرق المناسبة ليحل محل سابقتها التي كانت محل الخلاف وموقع الصراع...
في الكثير من الأحيان يتواجه المجتمعات إلى العديد من المشاكل الداخلية مما يؤدي الأمر بذلك إلى الاختلاف في التوجه والرؤى جراء السياسات الخاطئة لأنظمتها الاستبدادية، ويتأثر هذه المشاكل سلبا على جانبه الاجتماعي ويجعله ينحرف عن مساره الطبيعي ويحاول سلك الطرق البديلة له، كما يتأثر ذلك على الجانب الثقافي ويعيق محاولات التطور العلمي من خلال سيطرة الفساد على موقعها الإداري وذلك يؤدي إلى ضعف الأداء في مجال التقدم، لذا يحتاج الأمر إلى وضع حد لتلك المشاكل وإيجاد لها طرق بديلة وحلول مثالية لتصحيح مسارها، كما يحتاج الأمر إلى التغيير من اجل السيطرة على مخلفات بقية جوانب الحياة...
أما الجانب السياسي وهو الأكثر تعقيدا عن غيره بالنسبة إلى شعوب العالم عليه يقع المسؤولية الأخلاقية على عاتق السلطات الحاكمة التي تؤمن بمبادئ الحرية في إدارة المجتمع والاعتراف بحقوق جميع مكوناته وجعل صيغ التفاهم من أولويات عمله والاستناد على البنود الدستورية لحل الخلافات التي تتعلق بمصير أفرادها، وان تتوصل مع جميع الأطراف لإيجاد الحلول القانونية القابلة للتغيير ولا أن تفرض مصلحة فئة على غيرها وان يجعل القانون هو الفيصل والحكم في مجريات تغيير حياتها...
الربيع العربي.
بدأت في الفترة الأخيرة عملية التغيير السياسي التي سميت بالربيع العربي والتي تم من خلاله سقوط العديد من الأنظمة الحاكمة من قبل شعوبها، وحصل هذا التغيير المفاجئ نتيجة الضغط المتواصل والنهج الدكتاتوري الذي مارسه تلك الأنظمة بحق مواطنيها لفترات طويلة من الزمن، إلا أن رغبة الشعوب كانت أقوى من إرادة الظلم ولم يتحمل المجتمع المزيد من الاستبداد واختار الخروج عن صمته ليعلن رفض السياسات الخاطئة لتلك الأنظمة مطالبة التنحي ومغادرة السلطة...
هذا وفي الوقت الذي بات في حكم المؤكد أن التغيير لا محالة قادم وأصبح ضرورة ملحة وأمر حتمي حاولت معها الأنظمة المتطرفة الأكثر تشددا أن تسيطر على زمام السلطة وبالطرق المخالفة للنهج المطلوب لتحل محل سابقاتها الدكتاتورية محملة معها أفكارا عنصرية ليتجه في عهدها الوضع إلى الأسوأ عكس مستوى طموح شعوبها ذلك جراء فرض سياسة التطرف من أولويات عملها، لذا استخدم الشعوب بوضع آليات جديدة لكيفية التخلص منها مجددا بالطرق السلمية دون الالتجاء إلى إراقة الدماء أو الاقتتال الداخلي كما هو الحال في بعض الدول التي تقيد الحريات وتنتهك حرمات الموطنين ولا يزال نزيف الدماء فيها مستمرة والمعارك دائرة والشعوب تدفع الثمن منتظرة التغيير نحو الأفضل في بأسرع الأوقات...
التغيير في العراق.
كان للشعب العراقي أيضا نصيب وافر من التغيير الذي حدث مؤخرا نتيجة السياسات الخاطئة للنظام خاصة بعد احتلالها دولة الكويت وتهديدها دولا عربية أخرى إضافة إلى الظلم والاستبداد الذي مارسه ضد مواطنيها والمشاكل السياسية الموجودة في البلاد طوال عقود من الزمن، هذه الأسباب وغيرها التي جعلت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التفكير بتغيير هذا النظام واضطرت لضرب الجيش العراقي وتعطيل مؤسستها العسكرية والدخول إلى البلد عنوة من اجل مساعدة الشعب العراقي على التخلص من الدكتاتورية أولا وإجبار النظام على التنحي ليبدأ معه مرحلة جديدة من التغيير والانتقال إلى الحياة السياسية الطبيعية من اجل بناء مجتمع جديد ينعم الجميع بطعم الحرية والتعددية وترسيخ مبادئ العدل والمساواة بين كافة الطوائف والأديان والقوميات كما يطمئن الدول المجاورة من تهديداتها المتواصلة...
التغيير في كوردستان.
تحرر إقليم كوردستان في بداية التسعينات عندما قاوم الشعب الكوردي من خلال الانتفاضة الشعبية النظام الدكتاتوري وانتقل إلى مرحلة مهمة في حياته من كافة الجوانب وأصبح إدارة مستقلة ذات حكومة وبرلمان منتخب شارك فيه كافة الأحزاب والمنظمات السياسية على أساس الشراكة في الحكم حسب حجم كل تنظيم لحد أن انفصل مجموعة من كوادر الاتحاد الوطني الكوردستاني في الآونة الأخيرة لتشكل تنظيما سياسيا مستقلا باسم حركة التغيير وعلى هذا الأساس اشتركت في انتخابات الإقليم بقائمة مستقلة واستولت على مجموعة من مقاعد البرلمان وفضلت عدم الانخراط في السلطة والبقاء على أساس المعارضة في البرلمان إلى جانب بعض القوى السياسية الأخرى كما قررت المشاركة في انتخابات المجلس الوطني العراقي مستقلة عن قائمة التحالف الكوردستاني...
تحاول هذه الحركة فرض هيمنتها على الأحزاب الحاكمة في الإقليم بالرغم من قلة نفوذها الشعبي في العملية السياسية وتستغل دوما فرصة الفراغ الدستوري لتعارض تمرير اغلب القرارات والقوانين التي تصب في مصلحة شعب كوردستان من خلال خلق المهاترات والمشاكل داخل أروقة البرلمان وممارس سياسة لوي الأذرع عبر هذه التصرفات الغريبة والغرض منها كسب المنافع الخاصة لتضاف إلى نفوذها الحزبي وضرب المصلحة العامة للإقليم عرض الحائط...
كما إنها سباقة في جميع الأوقات للوقوف ضد أي أمر يتعلق برئاسة الإقليم ومهام رئيسها ومسؤولياته القانونية فقط لكونه ينتمي إلى حزب معين ذو شعبية كبيرة لهذا تحاول بكافة الطرق فرض سياستها على الأغلبية النيابية ظنا من أن بمقدورها تغيير الأمور لصالحها وكأنها صاحبة الفضل على شعب كوردستان برمته...
وهنا يطرح السؤال نفسه يا ترى كيف ستدار الإقليم من قبل هذه الفئة الصغيرة وبهذه العقلية إن كانت تملك اقل من ربع مقاعد البرلمان ووصلت بهم المواصيل حد التهديد والوعيد وعدم قبول الأخر، ويا ترى ماذا لو أصبحت هذه الحركة صاحبة الأغلبية النيابة في البرلمان وهذا نهجها، ويا ترى كيف ستتعامل مع الواقع السياسي في كوردستان وما هو هدفها الحقيقي، هل إنها فعلا تريد التغيير وأي نوع من التغيير، هذه الأسئلة وغيرها الكثير متروكة للأيام القادمة وسوف يجيب عليها الشعب الكوردي من خلال صناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة...
أخيرا نقول لو كانت التغيير بهذه الطريقة لما اعتبر الناس التغيير محاولة نحو الأفضل ولما كانت مشاكل المجتمعات تحل تحت هذه المسميات والى أين تريد أن تقود بالعملية السياسية هذه الحركة.
المقال منشور في جريدة دةنكى لالش الأسبوعي العدد 277 في 28.07.2013
إدريس زوزاني
دهوك / 19.07.2013

الأربعاء، 26 يونيو 2013

تهنئة وتبريك


الإخوة الأعزاء في مركز لالش الثقافي الاجتماعي/ألمانيا المحترمون.
بمناسبة انعقاد مؤتمركم الأول أبارك لكم هذا النجاح المميز والنهج الديمقراطي السليم الذي توجهتم إليه وأعطيتم من خلالها الحرية المطلقة لجماهيركم في المنطقة لحضور هذا المؤتمر واختيار ممثليهم في الهيئة الإدارية الجديدة... 
إنها خطوة جريئة وطفرة نوعية باتجاه الإصلاح الفكري الصحيح التجأتم إليها في سبيل لملمة أبناء مجتمعنا الأيزيدي المتواجد في المهجر، كما إنكم أثبتم جدارتكم بكل معنى الكلمة من خلال سياستكم الحكيمة لإنجاح العملية الانتخابية بنزاهة وشفافية وأمام أنظار كبار الشخصيات الاجتماعية والسياسية المهمة ومجموعة كبيرة من المراكز الثقافية والاجتماعية أثناء حضورهم المؤتمر وتعتبر هذه الخطوة تطورا ايجابيا نعتز به جميعا... 
كما أبارك الهيئة الإدارية الجديدة برئاسة أخي العزيز السيد خلات شيخ مراد على حصولهم ثقة جماهيرهم ونحن على ثقة تامة بأنكم وبجهود كافة أعضاء الهيئة الجديدة قادرون على تحمل المسؤولية من اجل تقديم أفضل الخدمات الاجتماعية والثقافية لأبناء مجتمعنا في الشتات... 
مرة أخرى أهنئكم وأبارك جهودكم وأتمنى لكم النجاح في عملكم والموفقية في خطواتكم والمزيد من التألق خدمة لسائر مجتمعنا الأيزيدي بشكل خاص والكوردي عموما من خلال هذا المركز
أخوكم 
إدريس زوزاني 
كوردستان 26.06.2013

الأربعاء، 15 مايو 2013

"شبح الإرهاب تطفئ شموع الأمل في بغداد"

عاصمة الرشيد تصارع الحياة.
يتألم المرء كثيرا عندما يشاهد الأحداث المؤلمة الذي يجري في العراق جراء الأعمال التخريبية والقتل والخطف وسفك دماء الأبرياء من قبل الفرق المسلحة وما يقومون به من الأعمال الإرهابية القذرة في البلاد كل يوم، كما أنها من دواعي الحزن والأسف الشديد حين أن يرى المرء بغداد هذه العاصمة الجميلة تتحول إلى مدينة الأشباح يصعب على الإنسان توصيفها، تلك المدينة التي اعتادت عليها زوارها بأن يرونها بثوبها التقليدي الجميل لا أن يرونها بهذا الثوب الأسود القاتم المخيف الذي اجبروها الإرهابيين المتطرفين أصحاب الفكر العنصري والعقل والطائفي المريض على لبسها...
إن هذا المشهد المرعب الذي يراه المرء في عاصمة الرشيد هو محل الم واستياء كبير يصعب على الإنسان استيعابه من ما يجري في هذه المدينة التي كانت تعتبر من أفضل مدن الشرق الأوسط جمالا وزهاء وهي تتحول اليوم إلى جحيم مظلم ومصدرا للخوف والقلق الذي يزعج سكانها، فعلا أنها مفارقة غريبة عندما يراها المرء وهي تصارع الحياة وتواجه الموت البطيء في الوقت الذي يسعى فيه الجميع إلى استتاب الأمن والاستقرار ونشر لغة التسامح وتطبيق مبادئ الحرية والمساواة ووضع أسس لاحترام حقوق الإنسان وإقرار السلام والوئام والعيش الكريم في هذه المدينة كما في بقية مدن الدولة.
من حلم السواح إلى معقل الإرهاب.
إلا انه يتحسر القلوب ويتضايق الأنفاس عندما يسمع أو يرى المرء ما يجري في هذه المدينة العريقة من الجرائم البشعة من قبل أولائك المجردين من المشاعر والأحاسيس الإنسانية ضد سكانها الأبرياء، إن هذه المدينة التي كانت حلم السواح ومركز الشعراء ومنبع التاريخ والحضارات والتي كانت مصدر رزق الكثير من الوافدين إليها من خارج البلد سواء كانوا عربا أو أجانب أو أبناء بقية المدن العراقية من اجل العمل والحصول على لقمة العيش الكريم، نراها اليوم أصبحت مصدر الخوف والرعب للكثيرين من هؤلاء الناس بعد أن تحولت إلى بؤرة الإرهاب للمجاميع المسلحة لغرض تصفية الحسابات السياسية في ما بينهم ومعقل المجرمين لقتل الناس الأبرياء بغير وجه حق أو بسبب النعرات الطائفية العمياء والصراعات المذهبية الضيقة، ومجمل هذه العوامل أدت إلى تدهور الوضع الأمني، كما تسببت في انشقاق النسيج الاجتماعي بين أفراد سكانها...
لكن يجب أن لا يتوقف الحياة في هذه المدينة العريقة ويستمر معها أبنائها إلى مقاومة الظلم ويحاولوا إفشال جميع مخططات الإرهابيين ولا يتراجعوا عن محاربة أعمالهم الإجرامية ويساهموا في دفع عجلة الحياة تتقدم إلى الأمام لحين أن ينالوا حريتهم ويستعيدوا كرامتهم.
الغاية من طرح هذا الموضوع.
وبالرغم من وجود كل هذه المشاكل المؤلمة يوجد هناك فئة من أبناء مجتمعنا الأيزيدي أيضا يعيشون في تلك المدينة وقرروا أن يقاسموا أبنائها أفراحهم وأحزانهم ويشاركوا مرارة آلامهم وان يمارسوا عملهم بعيدا عن الصراعات التي تحدث بين تلك المجاميع المسلحة هناك...
ويبدو أن هذه الوضعية لم تصب في خانة إعجاب بعض الجهات السياسة وتؤثر الأمن والاستقرار على طريقة توازناتهم المذهبية ومصالحهم الطائفية الضيقة سلبا، لذا تم اختيار هذه الفئة المسالمة أيضا ليضاف إلى تصفية حساباتهم الدنيئة، حيث قاموا بالهجوم عليهم في عز النهار وعلى أنظار الجميع في محل عملهم والأبرياء عزل ليس في مخيلتهم شيء سوى لقمة عيش أطفالهم وتم قتلهم بشكل عشوائي دون رحمة ولا شفقة لا يفعلها إلا من هو مجرد من كل القيم ومبادئ الأخلاق الإنسانية...
لذا أصبح هذه الحادثة المروعة محل استياء كل إنسان شريف يحمل في قلبه الرأفة وتعالى معها أصوات الأحرار في كل مكان مستنكرين هذه الفعلة الجبانة ومطالبين الجهات الأمنية المسؤولة بالكشف عن ملابساتها وإلقاء القبض على المجرمين وتقديمهم إلى العدالة وهذا يعتبر اقل ما يمكن فعله.
ضعف أداء المثقفين ودور الإعلاميين.
لكن الغريب في الأمر حول هذا الموضوع الذي راح ضحيته مجموعة من العمال الأبرياء ظلما، هو الموقف السلبي لمجتمعنا الأيزيدي تجاه معطيات القضية وعلى وجه الخصوص الطبقة المثقفة منه، كذلك موقف الجالية الأيزيدية في الخارج بكافة أصنافه ومجاميعه لعدم إيصالهم ملابسات القضية إلى الرأي العام العالمي والأوربي بالشكل المطلوب...
كذلك ضعف الموقف لدى بعض الصحفيين والإعلاميين أصحاب الكلمة الحرة والأقلام الجريئة، من حيث الأداء والمستوى لعدم تجاوبهم مع القضية بالشكل السليم وحسم الموضوع عن طريق عملهم المهني الذي كان يمكن من خلاله توجيه أبناء المجتمع القيام بتنظيم مظاهرات سلمية أمام الدوائر الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني ومكاتب الأمم المتحدة في العراق للمطالبة بوضع حد لمثل هذه الأعمال الإجرامية والكف عن الاعتداءات الصارمة بحقهم في جميع جوانب الحياة، وعدم التنازل عن المطالبة بحقوقهم المشروعة بالطرق السلمية والوسائل الحضارية والتعبير من خلاله عن مظلوميتهم والدفاع عن أنفسهم...
لأنه في مثل هذه المواقف المؤلمة لن ينفع الالتزام بالصمت أو يتجاهل الأمور بل يجب على الجميع التكاتف والتوحيد من اجل تحمل المسؤولية الأخلاقية والالتزام بالقيم الاجتماعية الملحة حفاظا على مبادئ المصلحة العامة كما على الجميع النظر إلى مثل هذه القضايا بنظرة واحدة ووضع جميع الاحتمالات عين الاعتبار والوقف عند مسافة واحدة في جميع المواقف ومواجهة الخطورة بنفس المقاييس ولا أن يقاس الأمور حسب الأهواء والرغبات من قبل فئة معينة على حساب الأخرى.
التعبير عن رائي الشخصي.
هنا أريد أن اعبر عن كل ما في داخلي من المشاعر حول هذا الموضوع وأقولها بصدق وصراحة أن أي اعتداء سافر أو عمل تخريبي غير محبذ فيه يرتكب ضد أبناء مجتمعنا الكردي يشكل عام والأيزيدي على وجه الخصوص أو أية محاولة يشكل من خلاله خلق المشاكل له كبيرة كانت أو صغيرة أو أي نوع من التهديد يمس أمنه واستقراره يعتبر مرفوض أمره جملة وتفصيلا وأيا كانت مصدره أو فاعله، وتعتبر ذلك محل الشجب والاستنكار بالنسبة لنا حيث لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال مهما كانت ورائها الأسباب والدوافع
لذا وحرصا منا لتوحيد مواقف الجميع رأيت من الواجب أن اطرح هذا الموضوع وان كان قد تأخرا نوعا ما إلا انه يعد بالأمر الضروري والملح في هذا الوقت.
إدريس زوزاني
كوردستان/ 2013-05-15