الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

"تداعيات الأزمة بين الإقليم والمركز"

تشهد المناطق المتنازع عليها مستجدات عديدة مع تصاعد حدة الخلافات السياسية بين حكومة إقليم كوردستان وحكومة المركز ويعود سبب هذا التصاعد المفاجئ إلى عدم قانونية تشكيل قيادة عمليات دجلة وتحركها الغير دستوري في تلك المناطق من قبل رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي وكذلك الدور السلبي لقيادات دولة القانون في التعامل مع القضايا الحساسة والعالقة في تلك المناطق بين الحكومتين...
في هذه الأثناء تتجه الأمور نحو التأزم بين الطرفين أكثر من أي وقت مضى وبدلا من أن تقوم حكومة المركز بحل المشاكل العالقة بينها وبين حكومة الإقليم والبحث عن السبل الكفيلة لمعالجة هذا الموقف المحرج والخطير تسعى حكومة المالكي إلى تعقيد الأمور واتساع دائرة الصراع والخلاف لتصل إلى درجة تفاقم الأزمة نتيجة السياسات الخاطئة التي تنتهجها حكومة المركز وبالتحديد عندما آمر المالكي بتشكيل قيادة عمليات دجلة وزج بالجيش العراقي في الصراع الدائر في المناطق المتنازع عليها، وهذا ما أدى إلى تأزم الوضع الأمني فيها والتي كان يجب أن تكون تسويتها من خلال المادة 140 من الدستور العراقي الذي صوت عليه غالبية الشعب إلا أن المالكي وحزبه يتجاهلون هذه المادة ويصرون على تشكيل قوات عسكرية غير دستورية وتعين قادة عسكريين من الجيش العراقي السابق والذين لديهم توجهات شوفينية تجاه الشعب الكوردي وهو ما أثار حفيظة القيادة السياسية في كوردستان والتي تعتبر تشكيل مثل هذه القوات بالعمل ألمناف للقوانين الدستورية.
بداية الأزمة:
تفجرت الأزمة في حادثة (طوزخرماتو) بين الجيش العراق وقوات البيشمركه نتيجة تجاوزات قيادة عمليات دجلة وتعزيز قوات إضافية إلى المناطق المستقطعة عن كوردستان وكأنها تواجه قوات معادية للبلد ناسيا أن هذه المناطق عراقية ومتنازع عليها بين الحكومتين ويجب حلها بالطرق القانونية وحسب المواد الدستورية المتعلقة بتلك المناطق ولايمكن حلها عن طريق التحشدات والتعزيزات العسكرية أو التصريحات الإعلامية المتشنجة أو افتعال خلافات إضافية وخلق مشاكل مع الجانب الكوردي وتجاهل الحلول الدستورية والوسائل البديلة  لحل الخلافات بين الفرقاء السياسيين في الدولة.
أسباب هذه الأزمة.
إن الأسباب لنشوب أزمة كهذه كثيرة ومن أهمها هو تصدير أزمات المركز من قبل ائتلاف دولة القانون وشخص المالكي إلى إقليم كوردستان والهدف منها عدم تمرير القوانين المهمة التي تخدم مصالح أهالي المناطق المتنازع عليها ولجعلها تعاني من المشاكل السياسية لأغراض انتخابية في المرحلة القادمة من انتخابات مجالس المحافظات في تلك المناطق أن ما في مخيلة المالكي وحزبه بان خلق مثل هذه المشاكل سوف يساعدهم في مواجهة القوائم والقوى السياسية التي يتعارض سياساتهم في الدولة والهدف منه الاستيلاء على أصوات الناخبين في هذه المناطق وتكون قائمته صاحبة الصوت المسموع وصاحبة اكبر قوة انتخابية هناك وان تكون جاهزة للانتخابات النيابية القادمة كي تكون اكبر كتلة نيابية وتشكل الحكومة لوحدها وتسيطر على كافة مؤسسات الدولة وتتجه بالبلد إلى النظام الدكتاتوري كما كان في السابق.
تشكيل قيادة عمليات دجلة.
إن تشكيل قيادة عمليات دجلة وتحريك الجيش إلى الحدود السورية في المناطق المتنازع عليها والزج به في النزاعات الداخلية دون الرجوع إلى مجلس النواب العراقي يعتبر مخالفة دستورية يرتكبها رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي افتعل هذا الأمر إلى خلافات كبيرة بين الإقليم والمركز علما أن الدستور العراقي واضح بالنسبة إلى تحديد دور ومهام الجيش العراقي.  


المشاكل المتراكمة في المركز.
أن سياسة دولة القانون ورئيس مجلس الوزراء نوري المالكي تجاه الأزمات الموجودة في العراق تجعل المشاكل تتفاقم في البلد فهم يخلقون المشاكل لجميع الأطراف السياسية بحيث لم يبقى طرف سياسي في الدولة وإلا أن واجهته مشكلة سياسية مع كتلة دولة القانون ورئيسها وقبل أن يجدوا للمشاكل مع احد الأطراف السياسية حلول يفكرون بخلق غيرها مع جهة أخرى كي يفكر الشعب بالأزمة الجديدة وينسى التي سبقها وبهذه الطرق والوسائل تتعامل دولة القانون وشخص المالكي مع الأزمات والمشاكل الموجودة في البلد وهذه أيضا احد الأسباب الذي عقدت الأمور بين الإقليم والمركز
تأثير الدور السوري والإيراني على الأزمة.
كما كان للازمة السورية ومنذ بدايتها التأثير المباشر في تأزم الأوضاع بين حكومة الإقليم والمركز والفضل لهذه الأزمة يعود للنظام الإيراني الذي كان لها التأثير الواضح على القرار السياسي في العراق كما على شخص رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي بشكل خاص والائتلاف الشيعي بشكل عام هذا لكون نظام الحكم في سوريا بيد الطائفة العلوية والتي تعتبر شيعة المذهب بالإضافة إلى التعاون والتحالف العسكري والسياسي طويل الأمد بين نظام الدولتين وهذا ما اثر سلبا على شيعة العراق وأصبح تدخلهم في شؤون العراق احد عناصر الأزمة بين الإقليم والمركز...
النظام الإيراني له أجندات خاصة في بقاء النظام السوري على سدة الحكم بغض النظر عن الجرائم التي ترتكب من قبل هذا النظام فهم لديهم مصالح سياسية مشتركة مع بعض لهذا ترغب إيران بتمرير الأسلحة والمعونات إلى سوريا عبر الأراضي العراقية وهذا ما لا تقبله حكومة إقليم كوردستان والقيادة السياسية الكوردية حفاظا على حماية الشعب الكوردي كي لا يتعرض إلى القتل ولا تنتهك حقوقه في سوريا وهذه أيضا احد أسباب ألازمة بين الجانبين.
وفي الختام فان هذه الأزمات الذي تخلقها كتلة دولة القانون ورئيسها نوري المالكي مع الإقليم ليس لها مدلولات سوى فشلهم في الملف الأمني وعدم توفير الخدمات اللازمة للمواطنين والنهج الخاطئ في إدارة الدولة بالإضافة إلى الحقد على حكومة إقليم كوردستان وقيادتها السياسية نتيجة تقديم العملية السياسية في الإقليم إلى الأمام بالإضافة إلى توفير الأمن وإقامة المشاريع الخدمية الكبيرة لبناء المجتمع الكوري ولهذا يحاول المالكي وكتلته بالضغط على القيادة الكوردية لإجبارها على  التنازل عن حقوقها الدستورية، وهذا لن يحدث ولن توافق القيادة الكوردية من المركز بتهميش القرارات والقوانين الدستورية ومنها المادة 140 من الدستور العراقي والإصرار على الإسراع في تنفيذها.
إدريس زوزاني
ألمانيا 03.12.2012