الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الثلاثاء، 5 يناير 2010

"المجتمع الأيزيدي والتحولات السياسية في العراق"

هناك عدة عوامل أساسية ومهمة حول العملية السياسية في العراق الجديد جزء منها يتعلق بالمجتمع الأيزيدي نحاول أن نتطرق إليه في هذا الموضوع وفي جوانب مختلفة من حيث الحساسية القومية ذات الأبعاد السياسية الكبيرة وطوابع طائفية ضيقة، فمن جانب ظهور ثغرات داخلية ملحوظة بين القاعدة الجماهيرية والكادر السياسي الأيزيدي منذ البداية والسبب يعود إلى عدم قدرة وإمكانية الأخير على إقناع تلك القاعدة بالشكل المطلوب وتجاهل التعامل معها بالطرق الملائمة، هذا من جانب ومن جانب أخرى تأثير الواقع السياسي على إرادة الشعب العراقي بأكمله وهي التي جعلت من المجتمع الأيزيدي أسيرا للتحولات السياسية المستمرة في البلد أسوة بباقي أفراد الشعب العراقي ومن أهم هذه الجوانب:
أولا - كيفية تعامل الأيزيديين مع الواقع الحالي في البلد.
رغم أن التحولات السياسية الهشة بين الأطراف المتنازعة على السلطة في العراق الجديد ونتيجة استمرار المؤامرات الدنيئة والواردة من الحقد المتواصل من قبل القوة الإقليمية المعادية للعملية الديمقراطية في البلد والتي لها تأثيرها المباشر على بعض الأطراف المشاركة في العملية السياسية في العراق فهي التي تفرض على هذا المجتمع بان يكون بأكمله مغيبا عن مجريات الأحداث الجارية، بل المفروض أن يكون له دور فعال في اتخاذ القرار اللازم في بعض المسائل المتعلقة به، أما الدور الذي لعبته وتلعبه بعض الأطراف المستقطعة من المجتمع الأيزيدي وبالأخص على المستوى الذي نرى بأنه فردي بل شخصي لا أكثر، لأنه لا يخدم المصلحة العامة وإنما يودي إلى تشابك الوضع ويقلص الدور الأساسي لهذا المجتمع الذي من المفروض أن لا يكون مغيبا عن الساحة السياسية. هنا يطرح السؤال نفسه هل يجب على الأيزيديين أن ينفردوا بمجاميع صغيرة وضرب المصلحة العامة عرض الحائط أو لزم الصمت وأخذ دور المتفرج عسى أن تشفق عليهم الأطراف الأساسية في العملية السياسية وهذه ستكون بمثابة كارثة حقيقية أو مجرد مشاركة فعلية والانخراط فيها بجرأة وثبات والتحرك بشكل سليم ومنطقي في كافة الجوانب هو الضمان لحقوق مجتمعهم وجعل المصلحة العامة فوق جميع الاعتبارات الأخرى وهذه هي الطريقة الوحيدة التي سوف تكتسب رضا وثقة القاعدة الجماهيرية الواسعة تجاههم.
ثانيا - الابتعاد عن المحاولات الفردية والعمل من اجل المصلحة العامة.
أن العملية السياسية في العراق ليست وليدة اليوم ولن تنتهي بين ليلة وضحاها ولا يختلف اثنان على أنها قد مرت بأسوأ المراحل العنيفة والدموية وأشدها شراسة أثناء الحكم الاستبدادي في البلد، كما إنها شهدت الكثير من التحولات السياسية في تاريخها الطويل ولهذا السبب يجب على السياسيين الأيزيديين الفصل بين العمل من اجل المصالح الشخصية الضيقة وبين العمل من اجل خدمة مجتمعهم الذي ينتظر الكثير من المشاريع الخدمية الضرورية في أكثرية مناطقهم الشبه معدومة من هذه الخدمات اللازمة لينعم بالعيش الكريم أسوة بباقي الشعوب السائرة في أرجاء العالم لهذا يجب التركيز على ما هو أفضل للمصلحة العامة وعلى ما سوف يلحق الضرر أثناء سيطرة الغيرة على نفوس بعض المجاميع الصغيرة من المجتمع برمته.
ثالثا - التصرف بحكمة في المسائل المصيرية.
أن مصير جميع شعوب العالم مبني على الحكمة و إلا رادة القوية وان الركيزة الأساسية لتلك القوة والإرادة تأتي من صلب الجماهير، لهذا على جميع الأطراف الأيزيدية المشاركة في العملية السياسية وأن تختار طريقة عملها بكامل الحرية شرط أن يكون طبيعة هذا العمل شفاف ونزيه، كما يجب عليهم التصرف بالعقل والحكمة في بعض الأمور خاصة التي تتعلق بوجود ومصير مجتمعهم لأنهم أيضا جزء صغير من تلك الشعوب التي تمتلك الإرادة ولهم خصوصيتهم القومية بالرغم من صغر حجمهم، لذا ننصح الفرق السياسية بالاستناد على الثقافة والوعي الجماهيري وعدم الإفراط بالتركيبة السكانية لمناطقهم لتحديد مكانتهم السياسية ليتمكنوا من مواصلة عملهم بجد وإخلاص وحسب المفهوم الديمقراطي الجديد والمعمول به في البلد.
إذا العملية السياسية جارية والتحولات بين جميع الأطراف المشاركة على السلطة مستمرة وعلى كل طرف الاستفادة من أخطاء الطرف الأخر ليستطيع أن يخدم مجتمعه بشكل أفضل وان يضع المصلحة العامة فوق كل الاعتبارات وجعل الحوار المتمدن من أولويات برنامجه السياسي عندئذ يمكنه كسب ود الجماهير والتفوق في عمله السياسي.
إدريس زوزاني
ألمانيا 05/01/2010