الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الأحد، 31 مايو 2009

"المجتمع الأيزيدي والانتخابات في الإقليم"

منذ فترة والمجتمع الكردستاني منشغل في أمور الانتخابات البرلمانية التي سوف تجري في الأيام القليلة القادمة في الإقليم، من الطبيعي أن تحدث أثناء إجراء أي عملية انتخابية في العالم مشاكل فكرية بين فئات المجتمع الواحد سواء كان هذا المجتمع متحضر ومتقدم أو مجتمع متحفظ ومتقيد بأفكاره المعقدة وهذا أمر طبيعي جدا لأن قواعد الديمقراطية تتطلب هذه الأفكار والآراء أي إن من حق الجميع أن يتمتعوا بالحرية في أي مكان يدعوا إلى الديمقراطية وإقليم كردستان جزء من هذه القاعدة البشرية، إن التوافق أو الاختلاف في وجهات النظر حالة اعتيادية بين جميع المكونات سواء كانت بين الأفراد أو الجماعات أو بين الأحزاب والقوى السياسية والتي يشتد التنافس بينها من اجل الحصول على أكثر نسبة من المقاعد لتكون لديها الأغلبية في تمثيلها السياسي داخل البرلمان وبالتأكيد الكل حسب نسبة نفوذه الاجتماعي أو السياسي في البلد، فيوجد هناك دائما الأكثرية والأقلية فيجب على الأقلية أن تطالب بحقوقها كما أن تنعم الأكثرية بها ولكن حسب المواثيق والأعراف المعمول بها دوليا ويفترض أن تنطبق هذه الحال على إقليم كردستان والعراق بشكل عام.
نتذكر جميعا قبل فترة قصيرة من الزمن جرت عملية انتخابية موسعة لمجالس المحافظات في العراق باستثناء إقليم كردستان وفي حينها كان الجميع واقصد هنا المجتمع الكردي وعلى وجه الخصوص الأيزيديين يترقبون عن قرب نتيجة الانتخابات في المناطق المتنازع عليها وخاصة المناطق التي يسكنها المجتمع الأيزيدي وبالتحديد في مدينة الموصل حيث كان الجميع متفائلين من حيث المبدأ بالنتيجة التي سوف تحققها القائمة المتآخية (الكردية) في حينها لم يفكر احد أو حتى يشعر من هم المرشحين لهذه القائمة لأي دين أو طائفة أو حزب ينتمون وخاصة في شنكال علما كان هناك حزب أيزيدي باسم الإصلاح والتقدم إلا أن أغلبية الأصوات الفائزة كانت من حصة القائمة المتآخية ومن نصيب المرشحين الأيزيديين وهذا كان متوقعا بفضل جهود الخيرين من أبناء المجتمع الأيزيدي، أتت النتيجة بشكل مرضي حسب حجم ونسبة سكان المدينة والتي كانت تتطلب ذلك في حينها ولكن شاء القدر بأن لا تتوافق قائمتهم مع القائمة الفائزة بالأغلبية في المدينة لحكرها كافة المناصب السيادية في المدينة ولا تزال المشكلة عالقة بينهم.
أن المرحلة الحالية تتطلب المزيد من الصراحة والثقة بالنفس كما يجب أن ننسجم مع الواقع الذي نعيشه وان نتجاوز مرحلة الضعف وان نتغلب على المقولة التي نرددها دوما بأننا أقلية ضمن المجتمع الكردي وان نتعامل مع الوضع السياسي بشكل أفضل وان نكتفي بان نستند على الآخرين للوصول إلى ما نريد تحقيقه من الأهداف السياسية لأن الأغلبية الساحقة من المجتمع الأيزيدي ينتمي إلى الأحزاب الكردية وبالأخص إلى الديمقراطي الكردستاني( البارتي ) والاتحاد الوطني ( اليكيتي ) وتمتلك هذه الأحزاب كوادر جيدة والمفروض على هذه الكوادر لكلا الحزبين على الأقل تبادل الآراء والأفكار في مثل هذه المواقف وخاصة في هذه الحالات لأن الانتخابات هي ظاهرة حضارية سواء كانت توافقية أو اختيارية وفي كلتا الحالتين يتطلب الأمر إلى كيفية التعامل مع كل حالة حسب أهميتها وضرورتها.
نحن الأيزيديين أيضا أكراد ولنا في الإقليم ما لغيرنا وعلينا واجبات يجب أدائها نعم نقول حصتنا قليلة كأيزيديين ولكن كان من المفروض أن نقول هذا في حينه وليس عندما ينتهي الأمر وبعدها نبدأ برشق الكلمات الجارحة على بعضنا البعض وان نلوم الآخرين ونوجه التهم على الجهة الفلانية أو ننتقد هذا المرشح لصفة ما والأخر لسبب ما.
حسب علمي كان عدد المرشحين الأيزيديين يتجاوز العشرة في الداخل بالإضافة إلى نفس العدد في الخارج ما عدا من لم يحالفه الحظ بذلك لسبب أو لأخر وهنا لا أريد ذكر هذه الأسباب حفاظا على مصداقية مقالتي، لكن الغريب في الأمر لم يجتمع هؤلاء الأشخاص مع بعضهم ولو لبضع دقائق ليختاروا في ما بينهم الشخص المناسب الذي من الممكن أن يخدم المجتمع الأيزيدي في حال وصوله إلى قبة البرلمان هذا وكان لكل واحد منهم مخاوف بان لا يكون الأفضلية أو الأولوية له.
نحترم كل من رشح نفسه لهذه المسؤولية ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم ننتقد الجهات المسئولة قبل إعلان أسماء الأشخاص المرشحين علما بان الجميع كانوا على علم مسبقا بأسماء المرشحين؟ إذا نترك الأمر لأصحاب الشأن ونأخذ بمقولة أهل مكة أدرى بشعوبها.
أن ما يؤلمنا كثيرا هو إهمال الأشخاص ذوي الخبرة في هذا المجال كان يجب على قيادتنا الأخذ برأي كوادرها أن كان يجب أن يكون المرشحين من الحزبيين وبعكس ذلك استشارة مديرية شؤون الأيزيدية أو مركز لالش الذي له دور كبير ومميز بين أفراد المجتمع الأيزيدي أو اللجنة الاستشارية الأيزيدية.

وأخيرا نتمنى بان يعوض الأيزيديين في مجالات أخرى من مجالات الحياة السياسية وان يأخذ ادوار مهمة في الحكومة القادمة لإقليم كردستان وليس من الضروري أن يكون الإنسان برلمانيا أو وزيرا بل هناك طرق كثيرة يمكن من خلالها أن يخدم الإنسان مجتمعه وان يكون بمثابة ذلك البرلماني أو الوزير إن كانت نيته صافية وليس هدفه المصلحة الشخصية الضيقة كما يجب على الإنسان أولا أن يقدم شيء ما قبل أن ينتقد ويلوم لان التغريد خارج السرب حالة مشعة وغير نافعة وعلى الحكومة القادمة أن لا تنسى المجتمع الأيزيدي لسد أفواه المغرضين اللذين يسعون إلى خلق الفتنة و إثارة البلبلة بين أفراد المجتمع لأن كردستان تحتاج إلى الكثير من أصحاب العقول النيرة في هذه الظروف ويوجد من بين أفراد المجتمع الأيزيدي من يمتلك خبرات عظيمة وصفات حميدة تتناسب مع الواقع الكردستاني.
إدريس زوزاني
ألمانيا/ 31/05/2009