الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الاثنين، 16 أبريل 2007

"المجتمع الأيزيدي ومواجهة الأحداث"

المتتبع للأحداث الجارية في الشيخان والتي تعتبر احد أهم مناطق تواجد الأيزيدية، يلاحظ أن ما حدث فيها ليس بالأمر السهل ولا حادثة صغيرة بل هي بمثابة كارثة حلت على هذا المكون، و يجب النظر إليها والتفكير فيها بعمق وتحليل الموضوع بدقة من قبل الجميع لا أن يفسره كل شخص في زاوية ضيقة بعيدا عن الحقيقة والواقع...
لاشك بان هذه الحادثة كانت مدبرة ومخطط لها من قبل البعض مسبقا، ويجب أن يعلم الجميع بان من كان وراء هذه المؤامرة الدنيئة هدفه التوتر والتخريب بين أفراد المجتمع الكوردستاني واشعال فتيل الفتنة بين مكوناته، لذا عليهم التعامل معها بمنتهى المسؤولية وجعل السلطة والقانون سيد الموقف لتجنب كوارث أخرى أكثر تعقيدا وخطورة.   
*- يجب النظر الى حادثة شيخان من جوانب مختلفة:
الأول/ توقيت الحدث في هذه الظروف الصعبة والتي ينادي فيها الجميع بالتكاتف والتعايش السلمي بين كافة ابناء المجتمع في العراق وتجتب الفتن وزرع بذور الشر والتفرقة في جميع أنحاء الإقليم، ومن ضمنها مناطق تواجد الأيزيديين لينعم الجميع بالأمان...
الثاني/ إقرار الأمن وإنشاء لغة التسامح والمحبة بين كافة الأطياف والأديان السماوية المتعايشة في الإقليم ومن ضمنها المجتمع الأيزيدي.
الثالث/ الابتعاد عن الكراهية والعنصرية الدينية وعدم خلق المشاكل مع البعض وهذا الأمر يحتاج الى تكاتف الجميع لتجنب المخاطر والصعوبات ولسد الطريق أمام المآسي والويلات الطائفية ونبذ الحقد بين جميع الشعوب المسالمة في المنطقة.
*- وقوع الحادثة وكيفيتها.
حسب المعلومات المقربة من مكان الحدث تبين أنها كانت حادثة عادية كادت أن تحل عن طريق القضاء وبأشراف السلطات القانونية إلا أنها تعقدت في نهاية المطاف وتحولت إلى فوضى عارمة لتنتهي الى حالة سيئة حيث عدم السيطرة على الوضعية خاصة بعد قيام بعض المجاميع المتهورة بارتكاب الأخطاء الفادحة وتحويل القضية الى جريمة ترتكب بحق أهالي البلدة لتنتهك الحرمات وتدنس المقدسات وتحرق الأماكن الدينية والمكاتب الثقافية، كما ليتم الهجوم على بيت الأمير وحرق سياراته ونهب ممتلكات العامة وليبدأ بعدها إطلاق النار لتوصل الأمر الى ما وصل إليه.
*- أسباب وقوع الحادثة.
يعلم الجميع ما مر به البلد من الظروف القاسية حيث أصبح لذوي النفوس الضعيفة فرصة ثمينة لتصفية الحسابات القديمة وبأبشع الطرق المشينة للوصول إلى أهدافهم القذرة حيث القتل والسلب والنهب هذا من جهة وإثارة الفتنة وزرع الخوف والرعب والبلبلة من جهة أخرى...
لهذا السبب قام هؤلاء الخارجين عن القانون بإثارة الفتنة في مركز قضاء شيخان رغم أنهم على علم بحساسية ظروف المنطقة لكنهم وجدوا فيها الفرصة المناسبة لإشعال الفتنة المذهبية لهذه المنطقة المستقرة والآمنة والتي تسكن غالبيتها الكورد الأيزيديين...
ولما أدرك الطائفيون أن نقطة ضعف المكون الأيزيدي تظهر من الجانب الديني استغلوا هذه الحادثة لتصبح فرصة يحقق به أحلامهم المريضة قاموا من خلالها بتجريح مشاعر الأيزيديين، ظنا منهم المقاومة والرد تكون بالعقلية المماثلة لعقليتهم وتكون الفريسة سهلة، إلا أن المكون الأيزيدي استخدم سلاح العقل والتجئ إلى حكم القانون ليخيب أمالهم ويحطم أهدافهم المرجوة وفشل مخططهم العدواني وفعلتهم القذرة...
لكن الغريب في ألأمر هو منذ أن حكم الأنظمة الدكتاتورية العراق وطوال حكمهم لم تنتهي الظلم والاستبداد في القرى والمدن الكردية ومن ضمنها المناطق التي يسكنها الأيزيديين حيث التخريب والتعريب والتهجير التي شمل الجميع، ولم يكن هناك تفرقة تذكر بين شرائح المجتمع الكوردي وتعامل الجميع على أساس القومية، لأنه في وقتها لم تكن هناك مشاكل داخلية أو تفرقة طائفية بين شرائح المجتمع بل كان الجميع يعاني من الظلم والدكتاتورية في البلد...
أما اليوم وبعد زوال الدكتاتورية وفي ظل الحرية نرى بان هناك من يريد جر الإقليم الى المستنقع الطائفي ويحاول من خلاله خلق الفتن ونشر سموم التفرقة الاجتماعية والدينية في جسد المجتمع الكوردي...
وهنا على المثقف الأيزيدي قبل غيره أن يلعب دوره ويحاول إيصال صوت مجتمعه الى أعلى المستويات بعكس الفترات التي كان مجردا من حرية التعبير لأنه الظروف ملائمة لعمل أفضل الخدمات لبني جلدتهم وكل من مجال عمله، هناك من يستطيع العمل في المجال السياسي عليه الانخراط مع الأحزاب السياسية في البلد وهناك من يريد العمل في المجال الثقافي عليه العمل جاهدا مع الجهات التي يرى فيها خدمة مجتمعه ليستطيع الجميع بناء مجتمع متكامل...
*- تباين وجهات النظر والانقسامات الداخلية.
من خلال هذه الحادثة تبين الانقسامات الداخلية بين الطبقة المثقفة لهذا الشريحة من المجتمع ومن المؤكد لا تخدم هذه الانقسامات مصالحهم الاجتماعية في هذه الظروف وعلى الجميع ابداء آرائهم بالطرق العلمية المناسبة شريطة أن تصب في مصلحة المواطن الأيزيدي، كما على الجميع العمل معا من اجل أن يكون لهم رؤية واضحة لدى الآخرين، ولا يهم الى أية جهة سياسية ينتمي الفرد، بل الأهم أن يكون للجميع موقف ثابت تجاه قضية مجتمعهم والجميع مطالب اليوم للعمل في سبيل حصول المكون الأيزيدي على حقوقه المشروعة، ولا يخدم الانقسامات غير فتح الطريق أمام هؤلاء الذين يقومون بخلق المشاكل لأبناء هذا المجتمع.
إدريس زوزاني

ألمانيا/ 16/04/2007