الكاتب إدريس زوزاني

الكاتب إدريس زوزاني

الاثنين، 8 يونيو 2015

"مخلفات الحرب على مدينة‌ شنكال"

في الوقت الذي يعاني منه المتشردين الأيزيديين من بطش التنظيمات الإرهابية أثناء الهجوم البربري على مدينة شنكال الى الكثير من الصعوبات جراء قلة الخدمات داخل المخيمات، بالإضافة الى مواجهة العديد من المشاكل الاجتماعية بسبب حاجتهم الماسة لكافة المساعدات الإنسانية ومن كافة الأطراف سواء كانت تقدم من منظمات حقوق الإنسان أو الجهات الراعية الاخرى التابعة للأمم المتحدة. لكن ما نراه مؤخرا بأن ما يجري من الخروقات الكبيرة التي تحدث داخل المخيمات لا تقل خطورتها عن الاضرار التي لحقت باهلنا أثناء تعرض مدينة شنكال الى الكارثة من قبل أعنف التنظيمات الإرهابية في العالم...
ألآن نجد في هذه الأثناء تحرك بعض التنظيمات المسيحية التبشيرية الوافدة من الخارج والتي بدأت تستغل الوضع الاجتماعي والمعاشي المؤزر الذي يعيشه أبناء شنكال في المخيمات سواء كانت النواقص الموجودة في مجال الخدمات أو استغلال أوضاعهم النفسية السيئة ومعنوياتهم الشخصية الهابطة جراء حجم الكارثة التي حلت بهم، وكما يحثونهم الى الانحراف والتخلي عن مبادئهم والانتماء الى افكار تلك المنظمات التبشيرية وذلك عن طريق عملائهم الذين يقدمون المساعدات الإنسانية في المخيمات وعن طريق الدورات التثقيفية التي ينظمونها للنازحين، ويعتبر هذه المحاولات الأخطر من نوعها لتتخلى من خلالها الشعوب عن عاداتهم الاجتماعية ومعتقداتهم الدينية العريقة...
كثيرا ما تحصل مثل هذه الأمور مع شعوب الدول التي تواجه الفقر جراء الحروب المدمرة والمشاكل الإنسانية التي تحل بهم لسبب أو لأخر، وبما أن أغلب دول المنطقة ومنها دولة العراق والتي تواجه التهديدات العنيفة من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، لذا ليس بغريب أن تحصل مثل هذه المحاولات الرخيصة من تلك المنظمات التبشيرية الوافدة من الخارج، إلا أن في الوقت نفسه على حكومة إقليم كوردستان والجهات الأمنية المعنية والمسؤولة في المنطقة، أن تقوم بمنع مثل هذه النشاطات الاستفزازية التي تؤثر وتأزم الأوضاع الداخلية وتعرض مصالح المكونات الاجتماعية المتعايشة مع بعضها في المنطقة الى الخطر...
أن فكرة دخول هذه المنظمات التبشيرية الى المخيمات التي يعيش فيها أبناء المكون الأيزيدي في إقليم كوردستان، لم تأتي من فراغ بل إنها جاءت بعد دراسة مستفيضة ومخطط لها مسبقا بشكل جيد ومحكم من قبل الجهات التي أرسلتها لهذا الغرض، ولا غبار عليه أن أغلب تلك المنظمات التبشيرية تابعة لجهات سياسية كبيرة يتم أرسالها الى المناطق التي تعاني من المشاكل الاقتصادية والسياسية لزعزعة الأمن داخل المجتمعات...
لذا يجب على أبناء مجتمعنا الأيزيدي داخل تلك المخيمات أن يكونوا حذرين من مغبة تلك المنظمات وعليهم عدم الانجرار وراء رغباتهم المقيتة والاسراع الى محاربة سياسات تلك المنظمات العنصرية وإيجاد لها حلول مناسبة لمكافحة أفكارها المتطرفة، وإلا ما الفرق بين تلك المنظمات التبشيرية وبين التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي اختطفت وسبيت الآلاف من النساء والبنات وقتلت الصغار والكبار من الأيزيديين في مدينة شنكال...
أتذكر عندما تواجهنا لمثل هذه الحالات في مطلع التسعينات من القرن الماضي عندما هاجرنا الى الدول الأوروبية، وبعد أن إستقرينا في البدء بمركز لإواء اللاجئين حيث السكن المؤقت، تعرضنا وقتها الى الكثير من الضغوطات من قبل تلك المنظمات التي كانت تزور اللاجئين وبأسماء مختلفة من خلال مجاميع متمرسة مؤلفة من عدة اشخاص متمكنة في هذا المجال، ليقدموا للاجئين الكتب والمنشورات المتعلقة بتنظيماتهم الدينية مستغلين الظروف السيئة للمهاجرين جراء عدم إيجادهم لغة تلك الدول الغربية مقابل تقديم المساعدات لهم...
لقد تعرض في هذه الأثناء الكثير من اللاجئين وفي دول مختلفة من العالم الى الاستجابة لرغبات تلك المنظمات والتعامل معها دون معرفة خطورتها، ولاتزال هذه الظاهرة موجودة في العديد من الدول الأوروبية التي تراعي اللاجئين، لذا تحاول هذه المنظمات الاستمرار في نهجها التبشيري بين جميع الشعوب التي تعاني من عدم الاستقرار في بلدانهم مقابل تقديم المساعدات لهم وتخفيف معاناتهم الإنسانية...
هنا لابد أن يكون للطبقة المثقفة لأبناء المجتمع الأيزيدي الدور الفعال للوقوف في وجه هذه المحاولات المسيئة لاعتقادهم، ويجب أن تكون المواجهة عن طريق دورات التوعية الاجتماعية في جميع المخيمات، كما على جميع المؤسسات المعنية في المنطقة القيام بواجباتها الانسانية لمنع مثل هذه الحالات الغير محبذة من قبل تلك المنظمات التبشيرية وعلى الجميع أن يقدر الظروف الصعبة الذي يمرون به النازحين في هذه المرحلة الحساسة والتي يعيشون فيه داخل المخيمات.

إدريس زوزاني
ألمانيا/ 08.06.2015

الجمعة، 17 أبريل 2015

"وتحاك المؤامرات"

إن المؤامرات الخبيثة التي تحاك ضد حكومة وشعب إقليم كوردستان من قبل بعض الأطراف السياسية التي تحاول استفزاز المواطنين وفرض هيمنتهم على المنطقة بأكملها بالرغم من الأمن والاستقرار الموجود داخل الإقليم كما أنهم يستغلون خطورة وحجم الأوضاع الساخنة فيها. إن هذه التدخلات السافرة  لا تصب إلا لغاية واحدة ألا وهي مصالحهم الحزبية الضيقة، كما أنها ليست إلا تنفيذا لمخططات الدول المجاورة والجهات الخارجية التي تقف ضد إرادة الشعب الكوردي في كل مكان...
كعادتهم فأن عملاء الدول المجاورة والأطراف السياسية المعادية لإرادة شعب كوردستان تحاول وبشتى الوسائل زعزعة الأمن والاستقرار في الإقليم وتحريض البعض من أبنائها لإشعال الفتنة والتفرقة وتصعيد المواجهات الداخلية بين المكونات الاجتماعية من أجل الحفاظ على مصالحهم الخاصة وضمان بقاء نفوذهم السياسي في المنطقة...
عند بدء حكومة الإقليم بحفر الخنادق في الكثير من المناطق الحدودية، بدأت أصوات الموالين لتلك السياسات العدائية تتعالى ضد إقليم كوردستان بأنها ترتكب خيانة بحق بقية أبناء الشعب الكوردي، لا بل وتعد تقسيما قسريا لأراضي كوردستان وتنفيذا لمخططات أعداء الامة الكوردية. لتبدأ بعدها الحرب على مناطق الإقليم واحتلال تنظيمات الدولة الإسلامية الارهابية لمدينة شنكال ودخول بعض المقاتلين الموالين لأحزاب كوردية مثل حزب الـ (ب. ي. د) وغيرها من الاحزاب الخارجية الى المنطقة، لقد حاولت في هذه الأثناء بعض الأطراف السياسية داخل الإقليم الى إبراز اسم تلك التنظيمات الكوردية من خلال العدد القليل من مقاتليها لإسقاط هيبة البيشمركة ومكانته بين المجتمع، هذا في الوقت الذي تركت القوات العسكرية التابعة لتنظيمات تلك الأطراف السياسية المدينة أيضا، وبدلا من تقديمهم العون لقوات البيشمركة والنازحين الشنكاليين في الجبل، قاموا بتقديم الاسلحة والمعونات لقوات (اليبكة) التابعة لتنظيمات الـ (ب. ي. د) والتي كانت تشرف على النقاط الحدودية بين سوريا والمناطق الساخنة للأحداث...
هنا قامت تلك الأطراف السياسية المنضوية تحت مظلة الجهات الخارجية بحث كوادرهم في الخارج والداخل لمساندة (كانتون شنكال) التي أنشئت مؤخرا من قبل بعض كوادر حزب العمال الكوردستاني والتي كانت في الحقيقة من صنع السياسات العدائية لتلك الأطراف المأجورة ضد سياسة الحزب الديمقراطي الكوردستاني ورئيسها السيد مسعود البارزاني...
كذلك سارعت تلك الاطراف المأجورة باستعانة شلة من بقايا أزلام نظام حزب البعث المقبور في الخارج لدق أسفين العنصرية والتفرقة الدينية بين المكونات المتعايشة على مر السنين في إقليم كوردستان، وحث أبناء المجتمع الأيزيدي في الخارج الى محاربة قوميتهم الكوردية والنعت لقوات البيشمركة، وبالإضافة الى محاولاتهم المستمرة لإخلاء الكورد الأيزيديين مناطقهم والضغط عليهم ليهاجروا بشكل جماعي من البلد بحجة انه هناك نوع من الظلم والاضطهاد العرقي والديني عليهم من قبل حكومة الإقليم...
كما أنها سارعت بحث كوادرها من أبناء المجتمع الأيزيدي في شنكال لتشكيل قوة عسكرية باسم قوة (حماية شنكال) وذلك لاستفزاز قوات البيشمركة المترابطة في جبل شنكال، لكن عندما فشلت في ذلك سارعت الى تحويل مسار تلك القوة الى تنظيم سياسي مذهبي باسم الأيزيديين تحت راية خاصة بهم والضغط من خلالها على فئة خاصة من المثقفين والإعلاميين في الداخل والخارج وذلك لإثارة البلبلة وخلق الفوضى وعمل المشاكل مع كوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني عن طريق المظاهرات التي لا تؤدي إلا للإساءة والشغب ضد مصالح شعب كوردستان، إلا أن سياسة الأخير كانت أكبر من حجم جميع مخططاتهم التخريبية التي جعلتهم يفشلون في مهمتهم المعادية لإرادة شعب كوردستان...
لا يخفى على الجميع بأن غالبية أبناء المجتمع الأيزيدي في مدينة شنكال، هم من موالي الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ومع السياسة الحكيمة للرئيس مسعود البارزاني، مهما سارعوا الآخرين الى تشكيل تنظيمات وميليشيات معادية لسياسة الإقليم، كما حاولوا بتشكيل ميليشيا الحشد الشعبي الموالي للطائفة الشيعية والتي بوركت في تشكيلها المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني والتي طالما تعالت العديد من الأصوات النشاز من بين المثقفين الأيزيديين بأنها المنقذة الوحيدة لمدينة شنكال...
هذا في الوقت الذي كان يقود الرئيس مسعود البارزاني خيرة رجالات البيشمركة لمحاربة الإرهابيين الى أن وصل شخصيا الى أقدس مزار لدى الكورد الأيزيديين في جبل شنكال وهو مزار شرف الدين وان وجه من هناك خطابه التاريخي مبشرا اهالي وجماهير مدينة شنكال بتحرير الكثير من مناطقهم التي كانت بيد تنظيمات الدولة الإسلامية الارهابية، ولكانت جميعها محررة لولا تدخل الأطراف الموالية لتلك السياسات المعادية والتي تريد تقسيم الإقليم وتفرض سياساتها الاقصائية على مواطني كوردستان من خلال المكون الأيزيدي ومدينة شنكال على وجه الخصوص...
لذا يجب على منفذي السياسات الخارجية التخلي عن هذا النهج العدائي والتوقف عن المحاولات التي تؤدي الى إثارة خلق المشاكل والقلق بين المواطنين في مدينة شنكال وعموم كوردستان والكف عن تضليل وسائل الإعلام وتزييف الوقائع والحقائق على المواطنين الأيزيديين.

إدريس زوزاني
ألمانيا/ 17/04/2015

الثلاثاء، 24 مارس 2015

"مشروع الهجرة الجماعية من الوطن"

ها قد بدء مشروع الهجرة الجماعية يتحقق رويدا رويدا والذي لطالما صرخ من أجلها البعض وحلم البعض الأخر بها وذاق مرارتها من سبقهم الخروج من أحضان الوطن مبكرا، لتصل موجة غضبها إقليم كوردستان أيضا وتشمل أبناء الاقليات الدينية والمكونات الاجتماعية الصغيرة على وجه الخصوص ومنهم أبناء المجتمع الأيزيدي بشكل ملحوظ، خاصة بعد كارثة شنكال وظهور التنظيمات الإرهابية في المنطقة والسيطرة على الكثير من مناطق سكناهم...
إن فكرة الهجرة الغير شرعية والتي بدأت مؤخرا بين أفراد المجتمع الأيزيدي وخاصة الجيل الجديد منه كانت المرحلة الأولى من بدها، ثم تحول الفكرة بعدها الى مرحلة متطورة لتصل الى مستوى الأسرة بكافة أفرادها، وليتجاوز بعده الموضوع وصولا الى المجالس العامة ويصبح حديث الساعة بين الناس وكأنه رحلة النقاهة أو نزهة سياحية يقومون بها لفترة قصيرة ثم العودة منها بعد الانتهاء من نزوتها الى ديارهم...
لا شك أن هذه الظاهرة السلبية خلفت وراءها أثار مدمرة في حياة الكثيرين من هؤلاء المهاجرين سواء كانت من الناحية المادية ومن خلال الخسائر التي لحقت بهم جراءها رغم الظروف المعيشية القاسية أو في مجال السلامة العامة وفقدان الكثيرين منهم حياتهم جراء سلك الطرقات الوعرة ومجازفتهم في المجال البحري الغير آمن للوصل الى بر الأمان بسلام...
كما تعرض الكثيرين منهم الى المساءلة القانونية في العديد من الدول الأجنبية بسبب عدم حصولهم على التأشيرات الرسمية لتلك الدول والدخول الى أراضيها بالطرق الغير شرعية، إضافة الى مواجهة العديد منهم الى مشاكل أسرية مختلفة لسبب او لأخر...
لا يوجد مبررات لهذه الهجرة الغير شرعية سوى إنها محاولة للتخلص من الواقع المرير الذي يعيشه الفرد العراقي جراء المشاكل الداخلية المؤثرة والأحداث المؤلمة التي يمر بها الوطن بجميع مكوناته، وللبحث عن موطن بديل ليجدوا فيه الأمن والاستقرار، بالإضافة الى إيجاد فرص العمل لتامين معيشتهم وضمان مستقبل أولادهم...
لا يخفى على المجتمع أن التدخلات السياسية من بعض الجهات الخارجية التي تريد إخلاء مناطق الأيزيدية وبقية الاقليات من سكانها وذلك لتحقيق أهدافهم المعينة ولفرض أجنداتهم الخارجية عليها، كما أن لها طموح بتغير استراتيجية الموقع الجغرافي لهذه المناطق، لذا فهي تحاول خلق إثارة الفتنة بين أفراد المجتمع مما يجعل ذلك سبب ترك منازلهم والتهجير من مناطقهم...
لقد أصبحت الهجرة الغير الشرعية اليوم حلم الكثيرين من أبناء العراق دون أن يعلموا بمرارة العيش والصعوبات الجمة التي سيواجهونها في الغربة مستقبلا. لأنهم لا يعلمون بالخطر الذي ينتظرهم في الخارج والذي هو أكبر بكثير من عدم الاستقرار الذي كانوا يعيشونه في وطنهم الأم بأضعاف المرات مقارنة بين الحرية المشروطة في الغربة وبين العيش في بلادهم بعزة وكرامة دون أن يطلبوا الدعم والمعونة من الاخرين...
لقد كانوا هؤلاء على دراية كافية بمستقبل أطفالهم أثناء العيش في وطنهم ولم يكن هناك خوف من محو عاداتهم وتقاليدهم بين المجتمعات الأخرى، وبعكس ما سوف يتلاقونه في البلاد الأوروبية والأجنبية وذلك بسبب القوانين السائدة في أنظمة تلك الدول...
أخيرا على جميع الذين يفكرون بالهجرة من وطنهم أن لا ينسوا بأن الظلم والتشرد لن يدوما، وأن فترة هذه المضايقات والأزمات المريرة قصيرة ولابد لها أن تنفرج وأن تأتي بعدها الأمن والاستقرار مهما طال عليها الزمن، لذا علينا التوقف عن الهجرة القاسية لأن ليس لها غير تفسير واحد وهو الهروب من الواقع المعتم والمظلم. لذا يجب على الإنسان أن لا يترك أرضه ووطنه بسهولة أو مقابل ملذات الحياة التي لا تدوم طويلا.

إدريس زوزاني
المانيا  24 اذار 2015